السيطرة على الاقتصاد - اقامة البنك المركزي
حيث بما أن توزيع العمل (مهن وحرف مختلفة) يمثل المفتاح لكافة الإنجازات البشرية وسد حاجاتها، فمن الضروري وجود نظام تبادل للمنتجات والخدمات المختلفة، خاصة بعد أن أثبت نظام مقايضة السلع (المعقد) عدم جدواه، كما أن اقتصاداً حاكماً ، كل فرد يعمل ويتلقى ما أمر به، أثبت عدم واقعيته إطلاقاً لأنه فشل في الاستفادة من المبادرات والمواهب الفردية المميزة.
وأخيراً، جاء الوسيط البديل للمقايضة، وهو المال، كحل مناسب جدا. (حتى أن الاقتصاديات الأكثر مركزية، أي على الطريقة الاشتراكية، تتحمس للمال وتعتبره الوسيلة الأبسط، وحتى الأكثر ضرورية، في مزاولة التخطيط الاقتصادي بنجاح).
المال كوسيلة للسيطرة
حتى في الحالة الطبيعية، عندما تستقر مجموعة بشرية في مساحة جغرافية معينة، يتفق أفرادها بشكل تلقائي على سلعة ثمينة ثابتة، غالباً ما تمثل الذهب أو الفضة، لاستخدامها كوسيط لمقايضة السلع فيما بينهم. ومن هنا جاء مفهوم المال. ولأن هذا المال يحوز على قيمة معينة، بالإضافة إلى كونه يمثل وسيط للتبادل التجاري، راح الناس يدخرون جزءاً من مدخول الذهب لديهم بدلاً من صرفه بالكامل.
وعندما يتراكم بكميات كبيرة عند الشخص، غالباً ما كان هذا الذهب يتخر في مخازن (أقبية مجهزة جيداً للحماية) الصائغ (صانع الأدوات والحلي الذهبية)، وهو السلف الأول للمصرفي العصري، ذلك من أجل التأمين عليها من النهب أو الضياع. كان المودعين يستلمون "وصل أمانة" receipt يضمن له استرداد ذات الكمية والجودة من الذهب عندما يطلبه من الصائغ.
في مرحلة معينة، أدرك الصائغ بأنه ما من سبب يمنعه من إقراض بعض من الذهب المودع لديه مقابل فائدة طالما أبقى على كمية معينة من مخزون الذهب متوفراً لديه بحيث يغطي نسبة طلبات الاستردادات التي يجريها أصحاب الودائع الحقيقيين. وفي الواقع، كان بكل بساطة يوعد كل مودع بأنه سيدفع على الموعد.
رغم أنه لا يملك مدخرات تغطي كافة و وعوده لكافة المودعين. والأمر الأفضل الذي اكتشفه مع الوقت، هو أنه يستطيع إصدار كميات كبيرة من "وصول الاستلام receipts مقابل الذهب بحيث تكون قيمتها النقدية أكبر من الذهب الموجود لديه أصلاً.
ووصول الاستلام هذه، التي هي عبارة عن أوراق عادية مكتوب عليها كلام فارغ، يمكن مداولتها بحرية بين العامة بصفتها مالاً ذات قيمة نقدية حقيقية. كان الربا – إقراض المال مقابل فائدة – يعتبر منذ عهد البابليين أحد الأسباب الرئيسية للحروب ونشوء الإمبراطوريات، ويعود سبب عظمة الكثير من الأمم، مثل روما وبلاد فارس، إلى الديون الضخمة التي اقترضتها من الأمم الغنية الأخرى.
لكن فيما بعد عجزت هذه الأمم المدينة عن تسديد ديونها، لكن بفضل هذه المبالغ المستدائة فقد أصبحت غنية وتمتلك جيوش عظيمة تم تغذيتها من هذه الأموال المقترضة، عندها أدركت هذه الأمم ضرورة دحر تلك الأمم التي أقرضتها المال كي تلغي ديونها. وكان هذا أيضاً سبباً رئيسياً لنشوء أنظمة الضرائب، والتي أصبحت نظاماً معمولاً به في كل دول العالم حتى وقتنا هذا.
الخطوات المتبعة لتحقيق البنك العالمي
البنك الدولي
يقوم هذا البنك بتمويل المشاريع الجارية في دول العالم الثالث وذلك لتلبية حاجات الشركات متعددة الجنسيات. ونتيجة لتمويـل مشاريع لا علاقة لها أبدأ باحتياجات السكان المحليين فإن الاقتصاد المحلي سوف ينهار حتماً، وسيتم القـضاء بالتـالي علـى الغابات الاستوائية، وهذا ما يؤدي بالتالي إلى تفاقم المشكلة" البيئية.
لقد اختار بيل كلينتون تعيين رئيس للبنك الدولي يـدعى جيمس وولفينسون James Wolfensohn، وجيمس هو عضو في بنك شرودر Schroder Bank، وفي مجلس ضبط النمو السكاني، وفي مجلس إدارة بيلدبيرغ Bilderberg، وفي مجلس العلاقات الخارجية CFR، وشريك تجاري لعائلة روتشايلد. یا سلام... یا له من اختيار موفق!
صندوق النقد الدولي IMF
عندما تقع إحدى الدول الفقيرة في ورطة مالية (مخطط لها مسبقاً من قبل النخبة)، يتدخل صندوق النقد الدولي مباشـرة فـي الموضوع ويعرض المزيد من القروض (مسبباً بذلك في زيادة الديون) وذلك شريطة أن تتبع هذه الدولـة سياسات النخبـة كالتخلي عن أراضي مثلاً، وهذه الأراضي تستخدم في إنتاج المحاصيل الضرورية لإطعام سكان البلد، لكن بدلا من ذلك تصبح هذه الأراضي تستخدم في إنتاج المحاصيل التجارية، التي تصدر بأسعار متدنية جدا لصالح الشركات المتعددة الجنسية.
التجارة الحرة
يتم الإعلاء من شأن بعض الاتفاقيات التجارية الدولية مثل اتفاق تعرفة الضرائب الجمركية والتجارة الدولية GATT، واتفـاق التجارة الحرة بين دول شمال أمريكا NAFTA، واتفاق الشراكة الاقتصادية بين دول آسيا ودول المحيط الهـادئ APEC، وتوصف هذه الاتفاقات بأنها إنجازات خيرة ومفيدة، وبأنها تدل على التعاون بين شعوب العالم.
لكن في الواقع، هـذه التجـارة "الحرة" تؤدي إلى جعل كل الدول تعتمد على الاستهلاك العالمي الخاضع لسيطرة الشركات متعددة الجنسيات. ونتيجـة عـدم وجود أي تعرفة جمركية على البضائع المستوردة فليس هناك أي حماية مالية للإنتاج المحلي، وبذلك تصبح بلدان العالم الثالث تعتمد على البضائع المستوردة.
ونتيجة لهذا يصبح الناس والأرض في دول العالم النامي مبـاحين أمـام اسـتغلال الـشركات العالمية، كما يمكن ضعضعة الصناعات القائمة في البلدان المتطورة عند الحاجة وحسب الرغبة.
العملة الأوربية الموحدة
إن أوضح وسيلة تستخدم للوصول إلى البنك والنقد العالمي الموحد هي تحرك الإتحاد الأوربي نحو إيجاد بنك مركزي وعملـة موحدة، وعلى الرغم من الجدل القائم ظاهرياً، إلا أن هذه المسرحية قد خطط لها مسبقاً، فيضحكون علـى الـشعوب ببعض الحركات البهلوانية كتلك التي قامت بها بريطانيا عندما طالبت بحق الانسحاب، ثم جاء الرفض التام من قبل أعضاء آخرين في معاهدة ماستریخت Maastricht Treaty. إنه إخراج مسرحي مبدع وخلاق، وقد انطلت هذه اللعبة على غالبية الجماهير.
وهنالك تفاصيل كثيرة في اتفاقية ماستريخت حول التحكم بالعملة الأوربية الموحدة، بالإضافة إلى صلاحيات مطلقـة للـتحكم باحتياطي كل دولة على حدا من قبل ستة أعضاء في المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوربي، يقضون ثمانية أعوام في هـذا المنصب ولهم صلاحيات تنفيذية مطلقة دون الالتزام بأي استشارة أو تعليمات أو أوامر تأتيهم من أي جهـة أو هيئـة رسمية عائدة لأي من هذه الدول الأوروبية.