الانسان المعاصر - تطور من الأسفل أم انحدار من الأعلى
الانسان المعاصر لازلنا نجهل ماضيه الحقيقي، حتى العام ١٨٤٧م، لم يكن يعرف شيئا عن المستحثات البشرية. لقد تجاهل العلم أو أهمل دراسة أصل الإنسان لفترة طويلة من الزمن، فقط عبير الكتب المقدسة، وكذلك الموروثات الشعبية، كانـت الـشعوب تتطلع على الأعراق البشرية القديمة التي كانت مواصفاتها وقدراتها العجيبة أقرب من الخرافة من كونها واقعية.
![]() |
الانسان المعاصر - تطور من الأسفل أم انحدار من الأعلى |
تزوير و اخفاء الحكمة القديمة
صحيح أن العلم تقدم كثيراً منذ العام 1847، لكن القائمين على المؤسسات التعليمية والأكاديميات المحترمة، ولأسباب معينة، لم يطلعوا ما لديهم من حقائق تاريخية أصيلة الشعوب العالم. لقد أبقونا في الظلام طوال الوقت. وليس هذا فحسب، بل تم توجيهنـا وتدرينا من خلال المنظومات التعليمية والإعلامية وغيرها من وسائل تربية وتوجيه، على استبعاد حقيقة، والسخرية مـن، أي فكرة بديلة تتعلق بتاريخ الإنسان وأصله.
المنطق العام الذي وجب الالتزام به يقول بأننا اتحـدرنـا مـن الفـرود، وأي فكـرة تعارض هذا المعتقد العام تعتبر فكرة غير عقلانية وخارجة عن سياق التسلسل المنطقي لمجريات الأحدث، لكن القدماء كان لهم رأي آخر.
لقد نظرت الحكمة القديمة للأمور من زاوية أخرى مختلفة تماماً. جميع الموروثات الشعبية التي تناقلها شعوب العـالم تدعي يفخر بأنها تتحدر من عرق عظيم، سلالة من الآلهة، شعب من الجبابرة.. وغيرها من أصول لا يمكن أن تشير سوى الحقيقـة واحدة: الإنسان لم يتطور من مستوى متدني (فرود)، بل انحدر وتراجع من مستوى رفيع (الهة وجبابرة).
نحن لم تتطور مـن عصور البدائية والتخلف والتوحش، بل الحضرنا من عصر ذهبي كان أسلافنا يعيشون فيه بأرقى الحالات التي يمكـن للإنسان عيشها. فأي قصة تصدق إذا؟.. الانحدار من الأعلى، أم التطور من الأسفل؟ بعد أن تعرفنا على حجة أنصار نظرية التطـور (الداروينيين)، فما هي حجة أنصار نظرية الانحدار؟ هل من أساس متين يستندون عليه؟ هذا ما سنتعرف عليه في الصفحات التالية.
لازال معظمنا يعتقد بأن المنطق الذي يحكم العالم الأكاديمي هو المنطق الذي يملك أقوى حجة علمية مما يجعله مؤهلا لقيـادة عالم المعرفة، لكن هذا في الحقيقة ليس صحيح إطلاقاً، فالمنهج العلمي الرسمي قد لا يكون قويا لأنه صحيح، بل يعتبر صحيح لأنه قوي، بمعنى آخر، المنهج العلمي الرسمي قد لا يكون صحيح لكنه مفروض قسراً على الأكاديميات من قبل جهات نافذة لها مصلحة في ذلك.
المنطق الدارويني تحريف للحقائق
وبما يتعلق بالمنطق الدارويني، فالأمر ينطبق عليه أيضاً. وقد رأينا في بدايات هذا الكتاب مدى التلاعب والتزوير والتحريف الذي يجري بخصوص الحقائق التاريخية والأثرية دون أي حسيب أو رقيب، ومع ذلك، تمر كل فضيحة بسلام وكان شيئاً لـم يكن. على أي حال، ولكي تدخل في الموضوع مباشرة.
بعد التعرف على الحقيقة السابقة، أول ما نستنتجه هـو طـالمـا أن مـذهب علمي معين قد يكون غير صحيحاً رغم أنهم يعتبرونه المذهب الرسمي (الصحيح) فلا بد من أن هناك جهات علمية معارضـة لهذا المذهب الرسمي، أي بنفس طريقة "المعارضة" و"السلطة" في مجال السياسة.
في الحقيقة، هناك الكثير من المذاهب العلمية الأخرى، لكنها تعتبر غير رسمية بسبب عدم توافقها مع المنهج العلمي الرسـمي (المعايير الأكاديمية المحترمة)، وبالتالي فلا تؤخذ أفكارها على محمل الجد، ليس لأنها غير صحيحة بل لأنها غيـر رسـمية. وبما يتعلق بموضوعنا فأبرز المذاهب العلمية المعارضة للمذهب الدارويني وأكثرها قوة وتنظيماً (بسبب الدعم المالي الكبير من المؤسسات الدينية) هو المذهب "التكويني" Creationist.
أنصار هـذا المـذهب يسمون أنفسهم بالعلمـاء "التكــوينيين" Creationists (نسبة لسفر التكوين Genesis في العهد القديم)، هؤلاء ينتمون لمنطق علمي مختلف تماماً ويستند بشكل عـام على النصوص الدينية الواردة في الكتاب المقدس (الإنجيل)، وهم من أشد المعارضين للداروينيين Darwinians.
أنا لا أتكلـم هنا عن رجال دين أو مجرد مجموعة حزبية متطرفة تهدف إلى تسويق الأفكار الدينية بطريقة غير عقلانية، بل عـن علمـاء وكتاب ورجال فكر لهم حجتهم وإثباتاتهم التي يصعب دحضها أو تكذيبها بسهولة، وفي الصفحات التالية سوف نستفيد كثيراً من الحقائق التي يقدمونها ويستخدموها لدعم حجتهم، حقائق كثيرة ومذهلة تجعل الداروينيين يترددون كثيرا قبل الدخول في جـدال معهم حولها.
في ما يلي، سوف نستفيد من بعض الأفكار التي يطرحها هذا المذهب العلمي للتعرف على حقائق كثيرة تساهم بشكل كبير فـي تزويدنا بالأجزاء الضرورية لإكمال الصورة النهائية حول أصول الإنسان. من بين أهم النقاط المهمة التي ساهم علماء الآثـار "التكوينيين" Creationists في إثباتها رغماً عن أنوف الداروينيين، وهي بدرجة كبيرة من الأهمية بحيث يصعب تجاهلهـا، يمكن استخلاصها بالتالي:
1ـ الإنسان لم يتطور من قرد بل انحدر من نوعية بشرية أكثر رقياً، إن كان من الناحية الجسدية أو الفكرية أو حتى الروحية.
2ـ الحضارة البشرية لم تبدأ تدريجياً من الإنسان المتوحش الذي قطن الكهوف ثم تطور حتى وصل إلى مـا أصـبحنا عليـه اليوم، بل كانت متطورة منذ البداية ولكنها شهدت تدهوراً كبيراً عبرة سلسلة من الكوارث التي أصابت الأرض، أهمها الطوفان العظيم الذي يعد آخر الكوارث التي أصابت الأرض.
3ـ أصبح الطوفان العظيم الذي أصاب الكوكب بكامله يمثل حقيقة تاريخية دامغة، والآثار الجيولوجيـة والبيولوجيـة وحتـى الحضارية واضحة جداً وهائلة جداً بحيث من غير المجدي الاستمرار في إخفائها.
4ـ التسلسل في العصور الجيولوجية هو مجرد خرافة صنعها الداروينيون لتفسير وإثبات صحة نظرية التطـور التـدريجي للكائنات". أي أنها تقول مثلاً بأن الديناصورات سبقت الإنسان بوجودها على هذه الأرض بملايين السنين. فقد أثبت التكوينيـون عدم صحة هذه النظرية، حيث أن الطوفان عمل على قلب الطبقات الجيولوجية رأساً على عقب في الكثير من المواقـع حـول العالم، والإنسان كان معاصرا للديناصورات، ولازال هناك الكثير من المواقع التي تحتوي على آثار إنسانية متداخلة ، مع آثـار الديناصورات.